ولد بفاس عام 1290/1871م. أصل سلفه من مراكش، هاجر والده سيدي الحبيب الى فاس، وكان من أهل الصلاح والفلاح، فنشأ الشيخ على أخلاق مرضية وشيم عالية محفوفا من طرف والديه بكامل الرعاية والمحبة، إذ كان رضي الله عنه وحيد والديه. و لما بلغ سن التمييز أرسله والده إلى الكتاب القرآني بقنطرة أبي الرؤوس بحومة الشرابليين عام 1295/1876م، فحفظ القرآن الكريم في مدة وجيزة على يد الفقيه سيدي ابن الهاشمي الصنهاجي، وعلى يد الفقيه سيدي أحمد الفيلالي بكتاب قصبة النوار، وفي هذه الأثناء حدث أن زار الكتاب أحد أرباب الأحوال فجعل ينظر إلى التلاميذ بعين الفراسة، وتنبأ للشيخ سيدي محمد بن الحبيب أن يكون عالما ورعا شيخا مربيا أخذ عن الفقيه العلامة سيدي محمد الإيراري الأجرومية والسلم بناني وطرفا من الشمائل المحمدية للترمذي. ثم التحق بجامع القرويين سنة 1881م/1300هـ، و عمره تسع و عشرون سنة فأخذ عن كثير من المشائخ ,وكان رضي الله عنه محبوبا من طرف جميع أساتذته لما رأووا فيه من النجابة وكمال الأدب والاستقامة، ولما أنهى دراسته بالقرويين أجازه كل مشايخه في سائر ما أخذ عنهم من العلوم والفنون، وذلك سنة 1312/1891م. ثم تصدر للدروس بجامع قصبة النوار وجامع القرويين سائر ما درسه عن شيوخه،و من بين رائق الميزات التي كان يتمتع بها الشيخ ابن الحبيب اتصافه بخفض الجناح و مراعاة الأحوال و المقامات والحرص على التواصل مع الشيوخ و العلماء مهما كان توغلهم في مذهب معين. كان الشيخ سيدي محمد بن الحبيب ذا طلعة بهية منذ صغره، وكان مقبولا ومحبوبا من كل من يلاقيه ويسمع عنه، وكان ذلك عطاء من الله تعالى يمنحه لعباده الصالحين: فيسري حبهم في الأرواح وتنطلق الألسنة بالثناء عليهم ويوضع لهم القبول في الأرض، . وقد تمثل ذلك في ملاحظته من طرف عدد كبير من الأولياء والصالحين ممن عرفوا معدنه النفيس، وقد روى سيدي محمد بن الحبيب عن نفسه شيئا من ذلك؛ فقد حكى أنه عندما كان في مرحلة حفظ القرآن بالكتاب أتى معلمه الفقيه الصالح سيدي أحمد الفلالي أحد أولياء الله تعالى فخاطب الفقيه مشيرا إلى التلاميذ ناظرا إليهم بعين الفراسة وقال: هذا سيكون جزارا وهذا خياطا وهكذا، إلى أن أشار إلى شيخنا فقال هذا سيكون عالما كاملا ورعا ذاكرا .انتقل إلى رحمة الله وهو في طريقه إلى الحج مع مريديه عام 1391هـ بمدينة البليدة في الجزائر يوم 23 من ذي القعدة ودفن في زاويته بمكناس 1
.